قال الأب لومباردي لقد تخلّلت هذه الزيارة ثلاثة أحداث بسيطة – لم تكن مدرجة في البرنامج – ولكنها تحمل معان كثيرة. الأول وهو زيارة المجاملة التي قام بها رئيس الجمهورية السريلانكي السابق ماهيندا راجابسكا للأب الأقدس إذ أنه كان هو من وجّه الدعوة للحبر الأعظم لزيارة البلاد وكان من الطبيعي أن يرغب بلقائه ليعبّر له عن امتنانه وفرحه بنجاح هذه الزيارة الرسوليّة. لقد كان لقاء مجاملة بسيط ولكنّه يُظهر علامة تناغم ونضوج في الديمقراطية والبلاد والمسؤولين فيها، وأعتقد أن هذا اللقاء أيضًا هو عنصر مهم وعلامة إيجابية للشعب السريلانكي بأسره.
تابع مدير دار الصحافة الفاتيكانيّة يقول أما الحدث الثاني فهو الزيارة لمعبد بوذي. فالأب الأقدس كان قد التقى لدى وصوله كولومبو خلال مراسم الاستقبال الرسميّة ممثلاً عن البوذيين وقد أعرب له عن رغبته برؤيته، وقد شارك أيضًا في لقاء البابا مع ممثلين عن مختلف الديانات والكنائس في كولومبو، وبالتالي فقد انتهز الأب الأقدس الفرصة مساء أمس ليزور هذا المعبد البوذي حيث تم استقباله بحرارة ورافقوه في زيارة عبر أنحاء المكان كعلامة احترام وصداقة وتقدير له. لقد تميّزت هذه الزيارة أيضًا بالبساطة وقد تمّت في جوّ عائلي كما تتميز دائمًا لقاءات الأب الأقدس وعلاقاته مع الأشخاص، فهذا الأمر يشكل جزءًا من ثقافته وأسلوبه التربوي الذي يقوم على اللقاء الشخصي مع الآخر.
والحدث الثالث، قال الأب لومباردي، فهو لقاء الحبر الأعظم بأساقفة البلاد لقد كان متوقعًا يوم الثلاثاء بُعيد وصول الأب الأقدس إلى كولومبو، لكن في الواقع وبسبب طول السفر فضل البابا أن يستريح قبل أن يبدأ لقاءاته، أما اليوم وقبل أن يختتم نهاره أراد أن يعوّض عما جرى من خلال فعل محبة وصداقة ولذلك وفي طريق عودته من مزار مادو المريمي توقف لزيارتهم فكان لقاء بسيط ولطيف.
بعدها انتقل مدير دار الصحافة الفاتيكانيّة للحديث عن احتفال إعلان قداسة الطوباوي جوزيف فاز وزيارة الأب الأقدس لمزار مادو المريمي وقال من الواضح أن إعلان قداسة الطوباوي جوزيف فاز قد شكّل الحدث الرئيسي لهذه الزيارة من الناحية الراعوية. وقد حضّرت له الكنيسة المحليّة بشكل جيّد من خلال أمسية صلاة واعترافات ليلة الثلاثاء، وهذا يعني أيضًا أن الناس قد تحضروا روحيًّا بالصلاة والاعتراف لعيش هذا الحدث. وفي ختام الذبيحة الإلهيّة قدّم مؤمنو سريلانكا التبرعات لأعمال المحبة الخاصة بالأب الأقدس، وقد قال الكاردينال رانجيت بهذا الصدد: “نحن بلد فقير ولكننا نرغب أيضًا أن نساهم في أعمال المحبة الخاصة بالأب الأقدس”. تابع الأب لومباردي يقول إنها علامة اهتمام بالتزام الأب الأقدس هذا وعلامة تضامن بين الفقراء من خلال شخص البابا. أما الأب الأقدس فقد قدّم للكاردينال وثيقة مهّمة جدّا لتاريخ الكنيسة في سريلانكا وهي عبارة عن مرسوم لملك كاندي من القرن السادس – يسمح الملك بموجبه لرئيس رهبانية القديس جوزيف فاز لإعلان الإنجيل وبناء الكنائس في البلاد كما يسمح أيضًا للبوذيين في مملكته بالارتداد إلى الديانة المسيحية – كان رئيس أساقفة سيلان قد قدّمه للبابا لاوون الثالث عشر. إنها وثيقة مهمّة جدًا وتنخرط في إطار تاريخ بشارة القديس الجديد في مملكة كاندي.
تابع مدير دار الصحافة الفاتيكانيّة يقول أما فيما يختص بزيارة البابا إلى مزار مادو المريمي، فإن البابا فرنسيس هو أول حبر أعظم يقوم بزيارة لهذا المزار المهمّ والذي يشكل علامة مصالحة للشعب السريلانكي. إنه مزار مريمي، ومن يعرف عمق الروحانية المريمية يعرف جيّدًا أن كل مزار للعذراء مريم هو عنصر مصالحة لأنه مقصود من الجميع، إذ تجذبهم محبة العذراء فيقصدونها طالبين حمايتها وتعزيتها. إنها الأم التي تحملنا دائمًا للقاء بابنها مصدر كل تعزية وسلام، وبالتالي فمريم هي التي تجمع. لذلك ينبغي التوضيح فنحن لا نقول “نذهب إلى هذا المزار لنقوم بفعل مصالحة” بل “نذهب إلى هذا المزار لأننا نحب العذراء وهذا الأمر سيساعدنا لنشعر بقرب بعضنا البعض ونصبح قادرين على عيش المصالحة”. وهنا يمكننا القول أن الأب الأقدس قد عبّر في كلمته عن الرسالة التي يحملها لأنه في كلمته قد تحدث بوضوح عن المصالحة والغفران وطلب المغفرة، وهذا هو أيضًا جوهر الرسالة المسيحية ورسالة الإنجيل التي تشفي الجذور من الشر والنزاعات والخطيئة والانقسامات، وبالتالي فقد شكّل هذا المزار المكان المناسب لأن المسيحيين والتاميل والسينهاليين والبوذيين والهندوس يقصدون هذه الأُمَّ المحامية والمعزيّة القادرة على فعل الخير للشعب بأسره. لقد تخلّلت زيارة البابا فرنسيس لهذا المزار مرحلتين مهمتين الأولى عندما قدّم الأب الأقدس مسبحة الوردية لعذراء مادو وعندما قُدّم للبابا تمثال صغير للعذراء فضمّه بين يديه. إن الحبر الأعظم، أضاف الأب لومباردي يقول، يعيش التقوى الشعبية والمريمية خاصة بشكل مميّز، ويعبّر عنها بتصرّفات بسيطة يعبّر من خلالها عما في قلبه.
وختم الأب فيديريكو لومباردي مدير دار الصحافة الفاتيكانية حديثه لإذاعتنا بالقول لقد قدّم الأب الأقدس مساهمة مميّزة في زيارته هذه لاسيما وأنها جاءت بعد الانتخابات الرئاسيّة التي حدثت مؤخّرًا في جوّ من السلام والانفتاح على الرجاء مما يجعلنا نأمل بأن تتحقق في هذه البلاد بشكل ملموس رسالة الأب الأقدس وكلماته عن المصالحة وإعادة بناء مشتركة لمجتمع جديد ومُصالَح. وخلال هذه الزيارة بدت الكنيسة نشيطة و
حاضرة قادرة على تحضير راعوي عميق وبالتالي أعتقد أن الكنيسة ستتمكن أيضًا من الاستمرار في السير قدمًا حاملة إرث هذه الزيارة والرسالة التي أوكلها إليها الأب الأقدس من أجل خيرها وخير المجتمع بكامله. وختامًا يمكنني القول إن الأب الأقدس قد فرح جدًا بهذه الزيارة وهو يعيشها كنعمة من الله وعنايته التي تمدّه بالقوة ليقوم بما عليه أن يفعله وتقدم له فرصًا ليلتقي بأشخاص وشعوب في إطار إيجابي يفتح القلب على الرجاء.