الأخوة الأساقفة، والكهنة، والرهبان والراهبات،
أيها المؤمنون الكرام، القادمون من كل أنحاء المملكة، ومن سوريا والعراق.
صباح الخير، من هنا، من مغطس السيد المسيح، مكان معمودية السيد المسيح، نهنئكم بعيد المعمودية، وكل عام وأنتم بألف خير.
هنا على الضفة الشرقية لنهر الأردن، اعتمد السيد المسيح، وهنا جاءت وفود الحجاج على مدار القرون الماضية، وهنا تم اللقاء بين الله والبشر، عبر اعتماد السيد المسيح في نهر الأردن. وهنا والتقى المعمدان بالمخلص، وهنا التقت صفوف المعتمدين بيوحنا، الذي عدّ نفسه صغيراً أمام عظمة الرب، فقال للجموع التي ظنته المخلص: “لستُ المسيح ولست مستحقاً أن أحلّ رباط حذائه”.
حج البابا فرنسيس
إلى هنا أيها الأحباء جاء أربعة أحبار أعظمون – 4 بابوات. ومنهم من أصبح قديساً: البابا يوحنا بولس الثاني، ومنهم طوباوياً: البابا بولس السادس. وفي هذا المكان، وفي هذه الكنيسة بالذات، حجّ قداسة البابا فرنسيس، وقد رافقه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، وصاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدالله، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله. ووقف البابا وقفة تاريخية مصلياً، ولمس مياه النهر، متبرّكاً بها ومباركاً في هذه الكنيسة جموع الشباب والمرضى والمسنين، وكذلك إخوتنا من سوريا والعراق.
هنا قال البابا فرنسيس: “إن المكان الذي نتواجد فيه يذكرّنا بمعمودية يسوع. بمجيئه إلى الأردن واعتماده على يد يوحنا، حيث أظهر يسوع تواضعه وشفقته على الجموع، وانحناؤه على الجراح البشريّة ليشفيها”. وبعد أن لمس المياه المقدسة، أراد قداسة البابا أن يختلط مع الجمهور ويشاركهم همومهم وآلامهم وجراحهم الجسدية والمعنوية والوطنية.
جراح الشرق
ومن الجراح الدامية في هذا الشرق، هجرة إخوتنا العراقيين الذي جاؤوا العام الماضي إلى الأردن مهجّرين بسبب إيمانهم وبسبب معموديتهم. فالايمان المسيحي ليس سلعة للبيع والشراء والمساومات. إن إخوتنا أبناء سوريا والعراق، وبالأخص من جاؤوا إلينا في الفترة الأخيرة بسبب التطرّف والإرهاب، هم اخوتنا وضيوفنا وأهلنا، وأمامكم أحيي هنا جمعية الكاريتاس الأردنية الخيرية، والقائمين عليها من موظفين ومتطوعين، فهي ذراع الكنيسة الكاثوليكية الأيمن التي تقدم للمهجرين كل غالٍ ورخيص، عبر مكاتبها في عمّان والمحافظات. وكذلك نحيي كل المؤسسات الكنسية والرسمية المحلية والدولية التي تقدم اسهاماتها لاعادة الكرامة الى الاخوة المجروحين.
سنة الحياة المكرّسة
هذه السنة أيها الأخوة، هي سنة الحياة المكرسة، ولقد افتتحناها في القدس، وهنا في عمّان، بقداديس احتفالية. في هذه السنة التي دعا إليها قداسة البابا نفكر ونصلي من أجل كل المكرسين والمكرسات في الجمعيات الرهبانية والعلمانية. نصلي من أجلهم ونقول: “الله يزيد ويبارك”، فالكنيسة بحاجة أكثر وأكثر إلى مَن يقدمون نفوسهم على هيكل الله من أجل مجد الله ومن أجل خير النفوس. وقد جاءت الينا العام الماضي مجموعة رهبانية تعمل في الاردن، وبالتحديد في كنيسة تلاع العلي وهن راهبات القديسة حنّة، وقد أشرف الاب المرحوم ابراهيم حجازين، على قدومهنّ للعمل في رعيته.
وأكبر هدية سيقدمها قداسة البابا للأرض المقدسة في سنة الحياة المكرسة هي إعلان قداسة فتاتين، راهبتين من الأرض المقدسة: الأم ماري ألفونسين، مؤسسة راهبات الوردية الغاليات، والأخت مريم ليسوع المصلوب، مؤسسة دير الكرمل في بيت لحم والهند. وهنا نقول أيضاً: “الله يزيد ويبارك”.
سينودس العائلة
سينعقد في الفاتيكان في شهر تشرين أول المقبل، سينودس العائلة للسنة الثانية. والموضوع هو “العائلة والتحديات التي تواجهها في عالم اليوم”. ادعوكم للصلاة من أجل نجاح هذا السينودس، لكي تكون العائلة دائماً هي النواة التي ينمو فيها الايمان وهي المدرسة التي تعلمنا المحبة والاحترام المتبادل في المجتمع وفي الكنيسة.
أيها الأحباء، هذا هو العام الخامس عشر لهذا الحج السنوي إلى موقع معمودية السيد المسيح – المغطس، وإننا لنحيي كل الجهود التي تبذل من أجل تطوير الموقع وإعداده ليكون جاذباً لألوف الحجاج سنوياً، من داخل الأردن والدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة. فأحيي أمامكم هيئة المغطس الملكية التي يرأسها سمو الأمير غازي بن محمد، ووزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة، والأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام المتعددة والحاضرة معنا اليوم، وكل المؤسسات الداعمة ووكالات السياحة والسفر. نبارك كل الكنائس الموجودة هنا، والتي ستُشاد في المستقبل، ونعمل مع الجميع بروح الفريق الواحد ليبقى الأردن العزيز مقصداً للحجاج والزوّار من مختلف أنحاء العالم.
نصلي في هذا الصباح، من أجل الأسرة الاردنية الواحدة، بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، لكي يبقى الاردن على الدوام، واحة أمن واستقرار، ورمزاً للوئام والحوار. نصلي أيضاً من أجل ان تطفأ الحرائق في الدول العربية المضطربة، وبالأخص في سوريا والعراق، ومن أجل لبنان كذلك ليتمكن من انتخاب رئيس جديد له. ولا ننسى الصلاة من أجل أهلنا ومؤمنينا سكان ضفة نهر الاردن الغربية، الذين ما زالوا عطاشاً وتواقين الى العدل والحرية والسلام.
وختاما، نكرر ما قاله البابا القديس يوحنا بولس الثاني، هنا في المغطس عام 2000، اي قبل خمسة عشر سنة بالتمام والكمال:
“ف
ي صلواتي سأتذكر الشعب الأردني مسيحيين ومسلمين، وبنوع خاص المرضى والمسنين، وبكل مشاعر العرفان استنزل وفير البركات على جلاله الملك وعلى جميع المواطنين. ليباركم الله جميعا. ليبارك الله الأردن”.
حجاً مباركاً، كل عام وأنتم بألف خير
البطريرك فؤاد الطوال
بطريرك القدس للاتين