– القديس أنطونيوس الكبير.
شجاعاً، لم يخف من التخلي عن ماله الكثير فربح الكنز الأكبر . لم يهب الوحدة فإختبر في عمقها عشرة الله… لم يخشَ الصمت فتحوّل ليكون أبلغ عظة، لم يرتعب من الشيطان و بإسم الرب هزمه !!
تزين بمخافة الخالق فهزم الخوف من الخليقة… و شتان ما بين الخوف و مخافة الله. فهذه الأخيرة هي حكمة الطريق الروحي, وهي أيضا سيادة للحياة الروحية : تحصّن المؤمن بنعمة الحرص والتدقيق في كل ما ينوي أن يفعله, وتعلمه ضبط النفس حتى لا يجرح الله الذي يحترم و يحب.
إلتقى أنطونيوس بالله : و كل لقاء حقيقي مع الخالق لا بد أن يولد شعور بالرهبة، و هذه الرهبة توّلد توأم التواضع و الخشوع : وهذا التوأم يفتح الباب أمام السعادة الحقيقية لأنه سبيل الموت عن تأليه الأنا و طريق النور لمحبة الله.
اليوم، لا تزال حكمتنا البشرية تخفق في قراءة حكمة الله المسمّرة على الصليب و يقودنا جهلنا للموت الأبدي. وفي صحراء عالمنا حيث يكثر عواء الذئاب البشرية و عويل الرامة القديم، يسطع أنطونيوس بسيرته مجدداً ليرهب شياطينها بإسم المسيح حكمة الله.
نعم، في برية إنسانيتنا الحديثة لا تزال تتفشى الأحقاد الجهنمية مع الفارق أنها أضحت متسلحة بآخر صرخات التكنولوجيا. لكن في قلب خوف قلوبنا : ها هو أنطونيوس رجل الصلة الدائمة بالله، قاهر الخوف يدلنا على الخلاص …و في سيرته النسكية الزاخرة بالتخلي، مفارقة : بحث يومي عن إمتلاك … إمتلاك لقيمة بكلمات ثلاثة تصرع كل المخاوف المميتة :
الله حياة الروح !!!