أيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، لقد حاولنا خلالَ التعاليمِ الماضية أن نُسلِّطَ الضوءَ على طبيعةِ الكنيسةِ وجمالِها وقد تساءَلنا عمَّا يتطلّبُهُ انتماءُ كلٍّ منا لهذا الشّعب. ولكن علينا ألاّ ننسى أنَّ هُناك العديدَ من الإخوةِ الذينَ يُشاركوننا الإيمانَ بالمسيح ولكنَّهم ينتمونَ إلى طوائفَ وتقاليدَ مختلفة. لقد استسلَم الكثيرون أمام هذا الانقسام الذي غالبًا ما سبَّبَ نزاعاتٍ وآلامًا عبرَ التاريخ. واليومَ أيضًا لا تَتَّسِمُ هذه العلاقاتُ دائمًا بالاحترامِ والمحبّة… فخلالَ مسيرتِها عبرَ التاريخ، تُجرَّبُ الكنيسةُ من قِبَلِ الشريّر الذي يسعى إلى تَقسيمها، ولِلأَسف قد طُبعت بانقساماتٍ خطيرةٍ وأليمة. وقد دامَت هذه الانقساماتُ أحيانًا وقتًا طويلاً عبرَ الزَمَنِ وصولاً إلى يومِنا هذا، لكنَّ الأكيدَ هو أنَّ خَلفَ هذه الانقساماتِ هناك دائمًا، بشكلٍ أو بآخر، الغرورَ والأنانيةَ اللذين يجعلانِنا غيرَ مُتسامحين وغيرَ قادرين على الإِصغاءِ وقبولِ من لديه نظرةً أو موقفًا مختلفًا عن نظرتِنا أو موقفِنا. الآن، وأمامَ كلِّ هذا، هل هُناك شيءٌ ما بإمكان كلِّ واحدٍ منا، كأعضاءٍ في الكنيسةِ الأُمِّ المقدّسة، القيام به أو فعله؟ بالتأكيدِ، أولاً الصلاةَ باستمرارٍ وبشركةٍ مع صلاةِ يسوع، ومن ثمَّ يَطلُبُ منّا الربُّ أيضًا انفتاحًا مُتجدّدًا، فلا ننغلقُ على الحوارِ واللقاء بل نَقبلُ ما يُقدَّمُ لنا من صحيحٍ وإيجابيّ من قِبَلِ من يرى الأمورَ بطريقةٍ مختلفة عنَّا أو يأخذُ مواقفَ مغايرة. كما ويطلُبُ منّا ألاّ نُحدِقَ النظرَ إلى ما يُفرِّقُنا وإنَّما إلى ما يَجمَعُنا، فنبَحثُ عن معرفةِ يسوعَ ومحبَّته بشكلٍ أفضَل ونتقاسمَ غنى محبَّته. أيُّها الأصدقاءُ الأعزّاء، لِنَسِرْ قُدُمًا نحو الوحدةِ الكاملة! ولتُعزِّينا فكرةُ أنّه لا يُمكِن لله أنْ يصمَّ آذانَه عن صوتِ ابنِه يسوع وألاّ يستجيبَ لصلاتِه ولصلاتِنا لكي يكون جميع المسيحيّين بأجمِعِهم واحدًا حقًّا.
***
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية