وفي ختام الليتورجية المقدسة بعد خطاب البطريرك ألقى البابا كلمة تحدث في مطلعها عن ذكرياته عندما كان رئيس أساقفة بيونس أيرس، حيث كان يشارك بليتورجيات الجماعات الأرثوذكسية التي كانت موجودة في المدينة. ولذا فالمشاركة في هذه الليتورجية هي “نعمة فريدة يمنحها الرب لي”.
وأشار إلى الترابط الوثيق بين لقاء المحبة الذي يتم في هذه المناسبات، وبين الحوار اللاهوتي، لافتًا إلى أن “الحوار الأصيل هو دومًا لقاء بين أشخاص لهم أسماؤهم، وجوههم، تاريخهم، وليس فقط مجرد تبادل آراء”.
وأضاف لافتًا إلى أن هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على القديس أندراوس الذي قام، مع تلميذ آخر، بلقاء من هذا النوع مع يسوع الذي دعاهما إلى أن يلتقيا به بالقول: “تعاليا وانظرا”. الخبرة المسيحية هي خبرة شخصية، لقاء مُحوّل مع مَن يُحبنا ويريد أن يُخلصنا.
والبشرى المسيحية تنتشر بفضل أشخاص متيمين بالمسيح، لا يستطيعون إلا أن ينقلوا فرح يقينهم بأنهم محبوبون ومُخلصون. وهنا مثال القديس أندراوس مهم جدًا. فبعد لقائه بيسوع، يلتقي بأخيه بطرس ويبشره بيسوع.
وأضاف الأب الأقدس: “من الواضح أن الحوار بين المسيحيين أيضًا لا يستطيع أن يستغني عن منطق اللقاء الشخصي”.
فليس من باب الصدفة أن مسيرة المصالحة والسلام بين الكاثوليك والأرثوذكس بدأت من خلال لقاء، من خلال عناق سلفين جليلين، البطريرك المسكوني أثناغوراس والبابا بولس السادس.
وأشار البابا فرنسيس إلى الفرصة السعيدة التي تجعل لقاء اليوم يتزامن مع الذكرى الخمسين لقرار المجمع الفاتيكاني الثاني حول وحدة جميع المسيحيين “استعادة الوحدة”.
في هذه الوثيقة تعترف الكنيسة الكاثوليكية أن الكنائس الأرثوذكسية “تملك اسراراً حقيقية، وبنوع خاص، بفعل الخلافة الرسولية، الكهنوت والافخارستيا، اللذين يؤلفان بيننا وبينها اوثق صلة” (عدد 15).
وأشار الأب الأقدس إلى أن استعادة الوحدة الكاملة لا تعني خضوع كنيسة لأخرى، ولا امتصاص كنيسة لأخرى، بل هي “قبول كل مواهب الله التي منحها لكل منا بواسطة الروح القدس”.
وشدد على أن الكنيسة الكاثوليكية، في مسيرة الوحدة، “لا تريد فرض أي شرط، إلا شرك الاعتراف بالإيمان المشترك” وعبّر عن الاستعداد الكامل لكي يتم البحث سويًا، من خلال درس الألفية الأولى وتعليم الكتاب المقدس عن السبل الضرورية لضمان وحدة الكنيسة.
وصرح بوضوح: “الأمر الوحيد الذي ترغب به الكنيسة الكاثوليكية والأمر الوحيد الذي أرومه كأسقف روما، ’الكنيسة المتقدمة في المحبة‘، هو الشركة مع الكنائس الأرثوذكسية”.
ثم تحدث الأب الأقدس عن الأصوات التي تُرفع في العالم إلى أبناء الكنائس لكي يكونوا تلاميذ يسوع المسيح بصدق.
الصوت الأول الذي يرتفع هو صوت الفقراء والأشخاص الذين خسروا العمل إلخ.
الصوت الثاني هو صوت ضحايا الصراعات في مختلف أنحاء العالم، خصوصًا في تلك الدول التي تشهد حروبًا شرسة وغير إنسانية.
الصوت الثالث هو صوت الشبيبة. فالكثير من الشباب اليوم يعيش بلا رجاء. والكثير منهم، تحت تأثير الثقافة المتفشية، يبحثون عن الفرح فقط في الممتلكات المادية وفي إشباع رغبات الساعة.
أمام كل هذه الحالات على المسيحيين أن يقدموا شهادة بليغة من خلال الوحدة الحقيقية، حتى ولو لم تكن كاملة بعد.