حاضرة الفاتيكان، الأربعاء 17 يونيو 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر يوم السبت الفائت خلال استقباله أعضاء المؤسسة الحبرية centesimus annus “السنة المئة” التي تعزز عقيدة الكنيسة الإجتماعية.
***
إخوتي الأجلاء في الأسقفية والكهنوت،
أصدقائي الأعزاء،
أشكركم على زيارتكم التي تقومون بها بمناسبة اجتماعكم السنوي. أحييكم جميعاً بحرارة وأشعر بالامتنان لكم على عملكم السخي في خدمة الكنيسة. إنني أحيي وأشكر رئيسكم الكونت لورينزو روسي دي مونتيليرا الذي عبر عن مشاعركم بإحساس نقي، وشرح نشاطات المؤسسة بالخطوط العريضة. كما أشكر جميع الذين أرادوا التعبير بمختلف اللغات عن تفانيهم المشترك. إن لقاءكم اليوم يكتسب معنى وقيمة خاصة على ضوء الوضع الذي تعيشه البشرية جمعاء.
ففي الواقع أن الأزمة المالية التي ضربت البلدان الصناعية والأخرى الناشئة والبلدان في طور النمو تظهر بوضوح أنه لا بد من إعادة النظر في النماذج الإقتصادية والمالية التي كانت مهيمنة خلال السنوات الأخيرة. في هذا المجال، وخلال المؤتمر الدولي الذي عقد البارحة، أحسنت مؤسستكم في تناول موضوع البحث عن القيم والقواعد والتوجيهات التي يجب أن يلتزم بها العالم الإقتصادي بغية تقديم نموذج جديد للتنمية يكون أكثر اهتماماً بمطالب التضامن وأكثر احتراماً لكرامة الإنسان.
إنني مسرور لأنكم بحثتم بخاصة في الترابط بين المؤسسات والمجتمع والسوق انطلاقاً – وفق الرسالة العامة “السنة المئة” centisimus annus التي كتبها سلفي الحبيب يوحنا بولس الثاني – من التفكير الذي يعتبر أن اقتصاد السوق الذي يعد كـ “نظام اقتصادي يعترف بالدور الأساسي والإيجابي للعمل والسوق والملكية الخاصة والمسؤولية الناتجة عن وسائل الإنتاج، والإبداع البشري الحر في القطاع الإقتصادي” (رقم 42) يعترف به فقط كوسيلة للتطور الإقتصادي والمدني في حال كان موجهاً نحو الخير العام (رقم 43). مع ذلك يجب أن تكون أي رؤية مماثلة مصحوبة بتفكير آخر يشير إلى ضرورة وجود الحرية في القطاع الإقتصادي “ضمن إطار قانوني قوي يضعها في خدمة حرية الإنسان الشاملة”، حرية مسؤولة “ذات جوهر أخلاقي وديني” (رقم 42). وتؤكد هذه الرسالة العامة في الوقت المناسب قائلة: “كما أن الإنسان يحقق ذاته بالكامل في هبة ذاته الحرة، كذلك تبرر الملكية نفسها أخلاقياً في خلق فرص العمل والتنمية البشرية للجميع في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة” (رقم 43).
أرجو أن تؤدي البحوث التي طورتموها بأعمالكم والتي استوحيتموها من مبادئ الإنجيل الأبدية، إلى تطوير رؤية عن الإقتصاد الحديث تراعي المحتاجين وحقوق الضعفاء. كما تعلمون، ستنشر قريباً رسالتي عن موضوع الإقتصاد والعمل وستسلط الضوء على الأمور التي نعتبرها نحن المسيحيون الأهداف التي لا بد من بلوغها والقيم التي لا بد من تعزيزها والدفاع عنها بلا كلل في سبيل تحقيق تعايش بشري حر ومتكافل.
كما يسرني أن أشير إلى ما تقومون به لأجل المعهد الحبري للدراسات العربية والإسلامية الذي أولي قيمة كبيرة لهدفه الذي تشاطرونه إياه من أجل حوار مثمر بين الأديان.
أصدقائي الأعزاء، فيما أشكركم مجدداً على زيارتكم وأؤكد لكم جميعاً على ذكركم في صلواتي، أمنحكم بركتي النابعة من القلب.
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009