معايير النمو هي: العدالة، الخير المشترك، الحس البيئي، التعاضد، التعاون، والأخلاق
بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأربعاء 8 يوليو 2009 (Zenit.org). – قدم بندكتس السادس عشر شخصيًا في لقائه مع المؤمنين اليوم، في مقابلة الأربعاء، رسالته العامة الجديدة “المحبة في الحقيقة” (Caritas in veritate).
وأوضح البابا الذي التقى بالمؤمنين في تعليم الأربعاء المعتاد أن الرسالة تستوحي نظرتها الأساسية من مقطع من رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس، حيث يتحدث الرسول عن التصرف بحسب الحقيقة في المحبة، فيقول: “إذا عملنا للحق بالمحبة نمونا وتقدمنا في جميع الوجوه نحو ذاك الذي هو الرأس، نحو المسيح” (4، 15).
وقال البابا: “المحبة في الحقيقة هي إذًا القوة الدافعة الأساسية لأجل نمو حق لكل إنسان وللبشرية جمعاء. وهي – بحسب ما يكتب البابا في العدد 6 من رسالته الجديدة – “المبدأ الذي تدور حوله عقيدة الكنيسة الاجتماعية، مبدأ يأخذ طابعًا تطبيقيًا عبر معايير توجيهية”.
معيارين أساسيين
وأوضح أن الرسالة تنطلق في مقدمتها من معيارين أساسيين لبناء نمو متكامل للإنسان وللمجتمع البشري وهما العدالة والخير المشترك.
وشرح: “العدالة هي جزء جوهري من ذلك الحب الذي هو “بالعمل والحق”، وينضم إلى جانب الخير الفردي، خير يرتبط بعيش الأشخاص الاجتماعي… وبفضل هذا الأخير، تأخذ المحبة بعدًا اجتماعيًا.
المستقبل ممكن للجميع
وعبر البابا في حديثه عن تفاؤل مبني على الثقة الكامنة في الإنسان المخلوق على صورة الله فقال: “إن مستقبلاً أفضل للجميع هو امر ممكن إذا ما تم تأسيسه على إعادة اكتشاف القيم الأخلاقية الأساسية. لذا يجب أن يكون هناك قدرة وضع مشاريع اقتصادية تعيد صياغة النمو بشكل متكامل، يرتكز على الأسس الأخلاقية للمسؤولية في حضرة الله وأمام الكائن البشرية كخليقة الله”.
هذا وأوضح أن “الرسالة العامة لا تهدف إلى تقديم حلول تقنية للمشاكل الاجتماعية الواسعة في عالم اليوم – فليس هذا اختصاص السلطة التعليمية في الكنيسة”.
ولكنها “تذكّر بالمبادئ الكبرى التي لا غنى عنها لبناء التطور البشري في السنوات المقبلة. من بين هذه، هناك في المقام الأول، الانتباه على حياة الإنسان، التي تعتبر كمحور كل تطور حق؛ احترام الحق بالحرية الدينية، المرتبط ارتباطًا حميمًا بتطور الإنسان؛ رفض نظرة بروميتية للكائن البشري، تعتبره المبتكر المطلق لمصيره”.
الاقتصاد، البيئة والأخلاق
ولم يتناس البابا المسألة البيئية فبين أن السعي للنهوض بالاقتصاد، لا يمكنه أن ينفصل عن الاهتمام بالأرض: “بما أننا نريد أن ننظم نموًا لا يلوثه الشواذ والتطرف السائد اليوم، يترتب على الجميع أن يفكروا جديًا بمعنى الاقتصاد عينه وبأهدافه”.
وتابع: “يفرض علينا هذا الأمر حالة الصحة البيئية لكوكبنا؛ وتطلبه منا الأزمة الثقافية والأخلاقية التي يعيشها الإنسان والتي تظهر بشكل واضح في كل أنحاء الأرض”.
وأضاف: “الاقتصاد يحتاج للأخلاق لكي يعمل بشكل صحيح؛ يحتاج لإعادة اكتشاف الإسهام الثمين الذي يقدمه مبدأ المجانية و “منطق العطاء” في اقتصاد السوق، حيث لا يمكن أن تكون القاعدة قاعدة الربح فقط”.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان
وأخيرًا علق البابا على الآية الإنجيلية “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، قائلاً: “لا يستطيع الإنسان بالخيرات المادية وحدها أن يروي الظمأ العميق الذي في قلبه. إن أفق الإنسان هو من دون شك أسمى وأوسع”، ولهذا، يجب على كل برنامج نمو أن يذكر إلى جانب البعد المادي، بعد النمو الروحي للشخص البشري، الذي يملك نفسًا وجسدًا.
ووصف البابا نموذج النمو هذا بـ “النمو المتكامل”، الذي تشير إليه عقيدة الكنيسة الاجتماعية بشكل مستمر، نمو يجد معياره الموجه في قوة دفع “المحبة في الحقيقة”.