–
لما قام يوسف من النوم، صنع كما أمره ملاك الرب
مصر، الاثنين 19 مارس 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لدى ترؤسه بالقداس الإلهي بمناسبة الاحتفال بعيد القديس يوسف في كاتدرائية مار يوسف في القاهرة نهار الأحد 18 مارس 2012.
* * *
1. طاعة ايمان القديس يوسف، بقبول الوحي الالهي والعمل بموجبه، كمّلت مسيرة ايمان زوجته مريم البتول، التي بدأت بجوابها للملاك: “انا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك” (لو 38:1)، هي التي حيّتها اليصابات: ” طوبى لتلك التي آمنت ان ما قيل لها من الرب سيتمّ” (لو45:1). بقوة هذا الايمان اصبح يوسف، مثل مريم، مؤتمناً على السرّ الالهي المكتوم منذ الدهور، وشريكاً مثلها في تحقيق تصميم الله الخلاصي، الذي هو سرّ تجسّد ابن الله وفداء البشر. وبهذا أصبح يوسف ومريم المؤمنان والزوجان مثالاً لكل مؤمن ومؤمنة، ولكل زوج وزوجة.
نحتفل بالعيد وفي القلب غصّة على وفاة الانبا البابا شنودة الثالث، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي طارت روحه الى السماء مساء أمس السبت في الوقت الذي كنا على موعد لزيارته، وقد اتينا من لبنان آملين إتمام هذه الزيارة العزيزة وما تنطوي عليه من أبعاد روحية ومسكونية. انني باسمكم، وباسم كنيستنا البطريركية المارونية، وباسم مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، نقدّم أحرّ التعازي للكنيسة القبطية الاورثوذكسية، مطارنة وكهنة ورهباناً ومؤمنين ومؤمنات، بوفاة ابي هذه الكنيسة الشقيقة ورأسها. ونقدّم تعازينا لمصر العزيزة، قيادة وشعباً. اننا نذكره في هذه الذبيحة المقدّسة سائلين له، من الرب يسوع الحبر الازلي وراعي الرعاة، أن يجزل له ثواب الرعاة الصالحين، وان يمنح الكنيسة القبطية الاورثوذكسية الميتّمة راعياً جديداً وفق قلبه، يكمل مسيرة سلفائه العظام ولا سيما الخط الذي رسمه عبر احدى وأربعين سنة المثلث الرحمة البابا شنودة الثالث.
3. لقد اتينا الى مصر لزيارة راعوية للابرشية المارونية، بدعوة كريمة من سيادة راعيها المطران فرنسوا عيد، الذي احيّيه بكثير من المحبة والتقدير، وهو اخ عزيز لي في الاسقفية، وفي انتمائنا الى امنا الرهبانية المارونية المريمية التي تخدم رسالتنا المارونية في الديار المصرية منذ سنة 1745، مواصلين خدمة راعوية بدأت سنة 1490 مع اول كاهن ماروني خدم جاليتنا المارونية فيها. وانني احيي ابناءنا الرهبان المريميين والكهنة الابرشيين معاونيه، وكل ابناء الابرشية وبناتها، بل كل اخواننا واخواتنا في مصر الحبيبة. هذه التحية اقدّمها مع سيادة المطران بولس صياح النائب البطريركي العام، وقدس الاباتي بطرس طربيه الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الذي حضر خصيصاً من لبنان مع مدبر عام وعدد من الآباء.
4. ومن دواعي هذه الزيارة الراعوية التعبير عن التضامن مع الكنيسة التي في مصر، بكل كنائسها الكاثوليكية والاورثوذكسية والانجيلية، ومع الشعب المصري، لنصلّي معهم من اجل السلام والاستقرار في هذه البلاد، والعبور الى مرحلة جديدة من حياتها، تستعيد فيها مصر جمال هويتها ورسالتها الحضارية، وتكمّل دورها التاريخي الكبير في العالم العربي وفي الاسرة الدولية، وهي تنعم بالسلام العادل والشامل وبالاستقرار وطيب العيش الكريم. ومن دواعي الزيارة ايضاً، شدّ روابط الاخوّة والتعاون مع هذه الكنائس “بروح الشركة والشهادة” التي تدعونا اليها جمعية سينودس الاساقفة الخاصة بالشرق الاوسط، التي دعا اليها قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، وانعقدت في روما من 10 الى 24 تشرين الأول / اوكتوبر 2010، ونحن ننتظر ان يُصدر قداسة البابا الارشاد الرسولي في اعقابها.
5. اننا نضع كل هذه الاهداف تحت حماية امنا مريم العذراء وشفاعة القديس يوسف، مع العزم على اكمال مسيرة الايمان، على مثالهما، من أجل تحقيق تصميم الله الخلاصي جيلاً بعد جيل. فيوسف ، مع مريم، هو أول مؤتمن على سرّ ارادة الله الخلاصية، والى جانب مريم ومعها، يشترك في تحقيق الارادة الالهية في تاريخ البشر. وهكذا تعهّد القديس يوسف مريم بعناية ومحبة بتوليّة فائقة، وكرّس كل ذاته مثلها لتربية يسوع المسيح، كأب أرضي تجاه ابن مريم، فأصبح كذلك الحارس والحامي لجسد المسيح السرّي الذي هو الكنيسة، ومريم الام والبتول هي صورتها ومثالها. ولان القديس يوسف مع مريم هو اول مؤتمن على سرّي التجسّد والفداء، برباط لا ينفصم، قرر البابا الطوباوي يوحنا الثالث والعشرون، الذي كان يخصّ القديس يوسف باكرام عظيم، أن يُضاف اسمه الى جانب اسم مريم، قبل الرسل والاحبار العظام والشهداء، في تذكارات ليتورجيا القداس (البابا يوحنا بولس الثاني: حارس الفادي، فقرة 6).
6. الى القديس يوسف، الذي عهد الله اليه بحراسة أثمن كنوزه : مريم ويسوع والكنيسة، نكل حياتنا وعائلاتنا وابرشيتنا هذه الموضوعة تحت حمايته. فلندرك، ايها الاخوة والاخوات، ان كل واحد منا مدعو ليؤدي دوره الخاص في تحقيق تصميم الله الخلاصي، بمسيرة ايمان. فطاعة الايمان واجبة لله الذي يوحي لنا ارادته، وبها يسلّم المؤمنُ والمؤمنةُ امره لله حراً، في كمال طاعة العقل والارادة لله الموحي، وفي اعتناق ارادي وواع لهذا الوحي الصادر عن الله (في الوحي الالهي، 5 ؛ حارس الفادي، 4).
والازواج بنوع خاص، المؤتمنون على اكمال التاريخ البشري، بنقل الحياة البشرية وتربيتها، مؤتمنون على تحقيق تصميم الخلاص، اذا عرفوا كيف يقبلون ارادة الله في حياتهم الزوجية والعائلية، ويقبلون الحياة البشر
ية التي تولد على ايديهم، ثمرةً لحبّهم ولحب الله، ويربّونها على الايمان والصلاة والانفتاح على تصاميم الله. فالعائلة هي الكنيسة الاولى ناقلة الايمان ومعلّمة الصلاة، المترقّبة تحقيق تصميم الله الخلاصي.
فاليك ايها القديس يوسف، انت الذي ائتمنك الله، في سرّ تدبيره، على كنوزه الثلاثة : يسوع المسيح، ومريم العذراء أمه، والكنيسة جسده السرّي، إحفظ عائلاتنا وابرشيتنا وكل واحد منا، في مسيرة طاعة الايمان مثلك ومثل أم الكنيسة مريم العذراء القديسة. فنرفع نشيد التسبيح والاكرام للآب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين.