أريد رحمة لا ذبيحة

الأب منتصر حداد

Share this Entry

الموصل، الثلاثاء 20 مارس 2012 (ZENIT.org). –يبحث الفريسيون دائمًا عن حجة معينة لاتهام يسوع… إلى درجة انهم يستخدمون الدين والشريعة من اجل إدانة يسوع… مع العلم أن الشريعة والدين موجودتان لخمة وحياة الناس… اخضعوا الشريعة والإيمان لهم… فسّروا الإيمان وتكلموا باسم الله لكي ما يحققون مصالحهم الشخصية… مسالة حفظ السبت، ليست مسألة حرفية، علينا دائما أن نبحث عن اليوح الذي يعطي المعنى الحقيقي للسبت وللصلاة والصوم وإلى آخره من الممارسات التي تعبر عن الإيمان، الروح الذي يجب أن يكون موجودا في هذه الافعال هو، تقوية علاقة الإنسان مع الله، وإبقاء شعلة الإيمان موجودة…

        كان السبت كذكرى لانتهاء الله من الخلق، هو يوم راحة الله وراحة الإنسان وليس زيادة الثقل على الإنسان، هو يوم احتجاج على عبادة المال وعبودية العمل… التلاميذ لم يقطفوا السنابل لغرض التجارة، بل لأنهم جاعوا، والإنسان الذي يجوع، بكل بساطة، حتى يقضي على الشبع، يأكل… ولكن الفريسيين أولوا هذا الفعل بحسب نظرتهم الشخصية… إنجيل اليوم يدعونا إلى أن نمتلك نظرة جديدة إلى الشريعة، نظرة العطف والرحمة (أريد رحمة لا ذبيحة) وهذا لن يتحقق إلاّ إذا تخلّينا عن تمسّكنا الأعمى بالتقاليد…

كان السبت بالنسبة لليهود، يوم مقدس إلى درجة كبيرة بحيث كان من يخالفه يرتكب خطيئة كبيرة جداً… أصبح السبت صنم يعبده اليهود بعد ان كان وسيلة من خلالها يمجد الإنسان الله، فيه يتذكر الإنسان كل الأمور والعظائم والعجائب التي صنعها الرب له… أصبح السبت صنماً، والويل لمن يمسّه أو يتحدّاه أو يناقش في أموره… ويسوع نراه في كثير من المرات يواجه الفريسيين… جازف يسوع بحياته في سبيل أن يعي الناس حقيقة السبت وحقيقة الصوم وحقيقة الصلاة، هذه الأمور الثلاث التي أصبحت أصنام يعبدها اليهودي أصبحت اهم من الله ذاته…

        يسوع يتعامل بشجاعة مع تزمت اليهود، وخاصة الفريسيين الذين أثقلوا كاهل الناس بالوصايا، فعل يسوع ذلك، حتى يبين لهم بان شيئاً واحداً مقدساً يأتي بعد الله، الإنسان…. الله يريد منا الطيبة والرحمة (أريد رحمة لا ذبيحة) هوشع) الله يريد المحبة التي لا تعرف القانون، بل تعرف الإنسان والاستجابة لحاجة الإنسان…

        كان يسوع يعرف حجم المخاطرة التي يقوم بها، فالسبت هو يوم الرب، هو خاص بالله، وكل شيء كان يخص الله، كان يعتبر خط احمر، حتى أسم الله لم يكن اليهودي لفظه لكي لا ينجسه بفمه… ولكن يسوع يأخذ القرار، يبذل جهده وسيواصل السعي لكي تعرف الإنسانية قيمتها في نظر الله، حتى وإن أدى هذا إلى الموت… يسوع دائما كان يستخدم طرق الله التي هي بعكس طرق البشر… فالناس الذين على شاكلة الفريسيين، وما أكثرهم، لا يستطيعون استيعاب فكرة بان الخاطئ ممكن ان يتوب، الخاطئ هو أبن حقيقي وموضوع حب في عيون الله…

كان الفريسيون لا يطيقون فكرة أن يجلس يسوع مع الخطأة، جباة الضرائب، الزواني، هؤلاء الناس لا يستحقون أن يسموا بشراً… فكيف من الممكن ان يكونوا محبوبي الله، كيف من الممكن ان ان يفرح الله بزانية أو جابي ضرائب يتوب؟… وكان الله يفكّر كما يفكرون هم… لكن الحياة الجديدة التي جاء بها يسوع هي، هو أنت أيها الإنسان هدف الله، أنت أيها الإنسان موضوع حب الله، يا إنسان الله متيّم بك… فهل تقبل بهذا الحب، حتى وإن كنت خاطئاً؟…

        الفريسية لازالت الوم موجودة في كل مرة ندين فيها الناس الآخرين… دون ان نفهم لماذا فعلوا ما لا يحل لهم أن يفعلوه…. ووصولنا إلى هكذا تفكير لن يتحقق ما لم نمتلك قلب يحب… نحن مدعوين لأن نجعل من سبتنا، أو بالأحرى كمسيحيين، ان نجعل من الأحد، يوم لقاء بالرب، وليس فرصة لمراقبة تصرفات الغير… يوم السبت ليس قيد نقيد به الآخرين، بل هو إعطاء الحرية للآخر حتى يعيش ويفهم حقيقة الإيمان، وليس أن ندينه، بالتأكيد بالاهتمام والمتابعة وليس بالمراقبة… هو ليس فترة زمنية لمدة 24 ساعة فقط… بل هو زمن وجد من اجل تجديد العلاقة وتقويتها مع الآخر (الله والقريب).. يوم الأحد ليس يوم الرب فقط، بل هو أيضاً يوم الإنسان…

        علينا أن نتذكر دائماً، الإنسان ليس مجموعة قوانين وشرائع وعادات، بل هو حياة تنمو يوم بعد يوم، تؤثر وتتأثر، حياة تبحث عن كمالها في محبة الله… فدعونا نهتم بالإنسان، لأنه أحياناً قد يكون بحاجة إلى كلمة، ابتسامة، نظرة، يرى من خلالها الله…. فطوبى لمن يساهم في بناء الإنسان….

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير