كُنتِ يوماً رَحِماً يولَدُ منه أولُ إنسان،
وأولُ موطيءَ قدمٍ لأولِ أبٍ، وأم…
كُنتِ جنةَ عدنٍ تزهوا بأجملِ ما خلق الله،
نخيلُكِ كانت شامخة، بين دجلةَ والفرات….
و شمسُكِ مُشرقة على البصرةِ حتى السُليمانية…
أنت يا أرضي، يا تُراثي وتاريخي، و مسقَطُ رأسي،
مِنكِ خرجَ أبُ المؤمنينَ في أولِ مسيرةٍ للإيمان، وأولِ أستجابةٍ لنداء الله…
كُنت أنتي من رفعت أولُ الأبراجِ، وقامت عليها أولُ وأعرق الحضارات…
كُنتِ يوماً، أماً للملوك،
قلعةً للاسود،
منارةً للعلوم،
ومهداً لكُلِ تاريخٍ وأديانٍ و حتى لُغات…
أنت يا أرضاً أعطت من خيرها ما زادَ، وفاض،
يا أرضاً حملتي أعظم المُدن في تاريخ الحياة…
نينوى، بابل، وسومر، وحتى حضر تملئُها الزقورات…
يا أماً أنجبت شعراء، وعلماء، وملوكاً كما الأساطير، كتبوا باعمالهم تاريخاً من الإنتصارات…
إنما أين انتي الأن، وأين مجدُكِ وبهائُكِ، وأين السلامُ فيك؟؟؟
أين ليالينا على أبو نواس، و أين شارعُ المتنبي، والرشيد؟
أينَ هي تغاريدُ الفرح في فاو، وأين هي احتفلاتُ سهولِ نينوى عند الربيع؟؟؟
أين هي زياراتُ جيرانِنا في رمضان، وأعيادُ الميلاد؟
وتلك القلوب الطيبة التي تتهافتُ حماساً لنجدةِ الغريبِ قبل القريب؟
أين الخيرُ فيك يا عراقُ، وأين السلام؟
أين صار الحُبُّ، وأين ضاعَ الإخاء؟
أين أختفى ( إستكان) الشاي وقتُ العصرِ، و حباتُ التمر، واحاديثُ المساء؟
أين هي الحياةُ فيكِ يا عراق؟!!!!
كيف كُنتِ، وكيفَ أمسى حالُكِ متناقِضاً، فغدى واقِعُك كابوساً!!!
أنتِ يا أولُ البدايات، أصبحت آخر النهايات!!!
أنت يا مولد الإنسان، أصبحت مقبرة لِأشلاءٍ ممزقة!!!
أنت يا أم الملوك، سُحقت كرامةُ أبنائكِ فاصبحوا نكرة في عيون العالم!!!!
أنت يا من كُنتِ حصناً حصيناً، داست أرضكِ المغولُ، والتتارُ، واليومَ داعش وما ادرانا ماذا في الغد!!!!
لا يعد يُسمَعُ فيكِ سوى صوتُ النحيبِ والبكاء،
و لا أخبار عنكِ إلا عن القتلِ والموتِ والدمار….
أبنائُك إما غُرباءَ، أو أموات!!!!
فإلى متى يا أرضنا، وميراثُنا، وتاريخنا؟
الى متى تُصبحين ثُكلى، وأرملة، ويتيمةَ؟؟؟
حسبُنا الله يلطِفُ بكِ، ويرحمك ويرحمنا معك…
أبتي: هب روحك القدوس على أرض العراق ليُعطيهِ أماناً، وسلاماً، وقبل كل شيء، المحبة
*
فيضٌ من الحب (wassan sitto)