مَحْفِلُ القِدِّيسِينَ

موكب العفيفةالمختارة دميانة عروس الخَتَن الطاهرة وصاحباتها العذارى(

Share this Entry

في المخابئ صارت حبوب الحنطة ظاهرة؛ التي لمختارﻱ الله القديسين؛ الذين تدربوا بقضيب الاستقامة والحق، تاركين مظاهر الإنسان العتيق مع أعماله، وقد تجمعوا في الكنيسة كما في المعصرة… معصرة الخيرات الأبدية التي تفيض ينابيعها عصير كرمة إلهية. فتحرروا من نير الغرباء وتعينوا تحت ظل الصليب المقدس، وشربوا من الصخرة المقدسة التي هي المسيح؛ الذﻱ روى قلوبهم العطشىَ من سواقي الأنهار الأبدية التي يجرﻱ فيها دمه الذكي الكريم. تطهروا بسر المخلص ليس فقط من الأفعال الجسدية بل ومن ميول الشهوات أيضًا، والأهواء والمرق والصدأ الذﻱ هو تهتُّك النفس.. أطاعوا الأسرار الإلهية في خضوع، وقد حل عليهم ملء عطايا الروح السبع، فعاشوا يوم الرب الممتد، ولم يتسلل إلى قلوبهم لون من ألوان الظن أو الشك بفعل الصلاة المستجابة، ولم يحترقوا بجفاف الخرافات؛ لأن ندى السماء ويُنبوع الماء الحي، قد فاض عليهم وحوّل نفوسهم. 

مطر النعمة منحهم الخصوبة؛ وبعث فيهم صحة الحياة التي تفتح القلوب وتسقي الأرواح وكل محصول الحنطة؛ ليعطي حصادًا أوفر وأغنى في البر والفضيلة، ينضم إلى موكب النعمة؛ فلا يخيم الجفاف فيما بعد، حيث قام مخلصنا بغسل أرجلنا العقلية بماء الطل السمائي، خلع لباسه ليُلبسنا وليغطينا بنعمة الرحمة.. تمنطق ليمنطق أحقاءنا بنعمة رباط الحياة الأبدية.. غسل أقدامنا ورؤوسنا حتى لا نوسخها.. فهو كإله سكب الندى من السماء، وكخادم غسل الأرجل، ودعانا للجلوس معه في محفل القديسين؛ لنرتوﻱ بالماء الروحي؛ كلمة السماء التي تزهر أودية الذهن، وتثمر حقول القلب بالطل المنهمر لتخضر البساتين؛ وتنفتح النفوس للنعمة وللحياة الأبدية… فتُشفىَ الأرواح وتتعافىَ وتنجو من أشواك الخطية ولدغات الحية؛ لأن مسيحنا هو قدوس القديسين الذﻱ افتدى العالم كله واحدًا واحدًا بعطية الآب القدوس، وبفعل روحه؛ الذﻱ يُجرﻱ مشيئته كما يشاء؛ فيوزع الأشياء حسب تدبير إرادته؛ قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء. 

هذا الروح هو مقدِّس الجميع بالقداسة والطهارة، ليبتعدوا عن شهوة الترف واللذة؛ التي تحجب رؤية العين العقلية بسبب الشر ونجاسة الخطية، وليدوسوا على السوس؛ التي هي التعاليم الغريبة؛ فينطفئ فيهم الظمأ لهذا العالم، وقد أعطاهم  الله صلاحه وبره وعطاياه وخيراته العظيمة، وسكبها بعد أن أنقذ الذين كانوا تحت حكم الموت، وسبى سبيًا، وجعلنا نرى الشهود الثلاثة:  الماء والدم والروح.   

فالماء هو شهادة الدفن،

والدم هو شهادة الموت،

والروح هو شهادة الحياة، 

 وطبع ختمه على قلوبنا، وأضاء علينا بنور وجهه، ووأد لنا بهجة خلاصنا، بدُهن الابتهاج، وقد صارت خشبة صليبه سفينة خلاصنا، التي تجمع كل خورس القديسين:  وهم الجزء المختار من الناس المختارين.. وهم أيضًا النصيب الأمجد في قطيع المسيح كمندوبين فوق العادة عن العالم، وكمدن موضوعة على الجبال فوق المنارة؛ ليعيشوا روح التقوى بنسمة فم الله، وستُمتحن الأعمال كما يُمتحن الذهب؛ لأن بهاء يوم الدينونة يستعلن مقدمًا؛ حتى يكافأ الأبرار والقديسين من أجل خدمتهم.

Share this Entry

القمص أثناسيوس جورج

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير