آخر كلمات (3)

Share this Entry

بقلم الأب هاني باخوم

روما، الأربعاء 24 مارس 2010 (Zenit.org). . -. – إذا كانت اول كلمة قالها المسيح على الصليب “يا ابتِ اغفر لهم، لانهم لا يعلمون ما يفعلون”  موجهة للاب من اجل كل انسان،  والثانية: ” اليوم  ستكون  معي في الفردوس”  موجهة لشخص محدد. فالكلمة الثالثة موجهة  لشخصين: ” فقال  لأمه أيتها المرأة، هذا ابنُك.  ثم قال لَلتِّلميذ: هذه أُمُكَ” (يو 19: 26).

يسوع المسيح بهذه الكلمة يتوجه لشخصين: مريم والتِّلميذ الذي احبه؛ يوحنا. فيقول لمريم: هذا ابنُكِ، ويقول لَلتِّلميذ: هذه أُمُكَ. لا نستطيع ان نفسر هذه الكلمات على المستوى العاطفي فقط؛ فنقول ان المسيح قبل موته، ومن شدة حبه لامُه، يَجِد من يعتني بها. كثير من المفسرين بالفعل رأوا في هذا المشهد شيئا اعمق؛ رأوا مريم التي تمثل الكنيسة ويوحنا الذي يمثل كل مسيحي. وبهذه الكلمة يسلم يسوع المؤمنين لمريم كابناء ويسلم لكل مسيحي مريم كأم. فيسوع لا يقول هذا كأبنك، او هذه كأمك. لا، بل يعلن واقعا روحيا لم يكن معروفا حتى الان. يقول لمريم: هذا ابنُك. وليوحنا: هذه أُمُكَ. وهكذا  يكشف يسوع عن رباط روحي كان مُحجوبا.

المسيح يقول لمريم: يا أمرأة، وبهذا يسترجع مشهد حواء عندما تعرّف عليها أدم في البدء واعطاها اسم: “حواء” لانها ستكون “أم” لجميع الاحياء. لكن هذه الأم، حواء، استمعت لكرازة الشيطان وصدقتها، وحملت ثمرة ذلك واعطته لأدم، الذي لم يناقش وأكل. حواء والتي جعلها الله مصدر الحياة، مصنع الحياة، استغلها ابليس وجعل منها قناة للموت. وهنا يسوع المسيح، أدم الجديد، يفعل شيئا اعمق ويفدي ما قد بدأ، يعطي اسما لمريم، لحواء الجديدة؛ “أمُ”. أمُ سمعت كلام ملاك الرب وأمنت، فحملت ثمرة ذلك واعطته  لكل البشرية. أمُ تعلمت ان تحفظ كل شىء في قلبها. أمُ تعلمت ان ترى نقص خمر البشر، كما في عرس قانا؛ اي نقص الفرح، نقص الحياة، فتتشفع لهم عند الأبن. وبذلك أصبحت قناة للنِعَم.

المسيح يوحي لمريم من هي. هي أم لكل من يتبع المسيح، أم لكل من يحبه المسيح، لكل انسان، لكل الاحياء. والاحياء هم الذين يتبعون المسيح، هم  الذين قاموا من موتهم، من الخطيئة، هم الذين بُشروا بالخبر المفرح وأمنوا به، هم الذين استمعوا لكلمة المسيح الاولى على الصليب، فصدقوا وقبلوا هذه المغفرة. وهكذا  يجدون انفسهم ابناء لأمُ تلدهم للحياة، وتعلمُهم ان يفعلوا مشيئة ابيهم. فمريم هي صورة للكنيسة التي تعتني بابنائها فتلدهم للحياة وتنميهم في النعمة.

وليوحنا يعلن يسوع ايضاً هويّته الحقيقية. فمن هو التِّلميذ الحقيقي؟ هو ابن. ابن للكنيسة، ابن لمريم. هذا هو المسيحي؛ “ابن”. ابن وليس أجير، ابن وليس عبد.

بهذه الكلمة يسوع المسيح يؤسس خليقة جديدة، بالاحرى يحمل الخليقة الى كمالها، الان يوجد أدم الحقيقي وحواء الحقيقية، والنسل الحقيقي. بهذه الكلمة تولد الكنيسة، والتي هي “أمُ”  وفي نفس الوقت أبناء، ابناء لآب واحد؛ ابو يسوع المسيح.

وهنا يصرخ المسيح ويعلن كلمته الرابعة والتي اثارت شكوك وعثرة الكثيرين، ولكن كما يقول المسيح نفسه: “طوبى لمن لا اكون له حجر عثرةَ” (لو 7: 23).

زمن صوم مبارك

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير