وقال يسوع : هذه الكأس هي ” دمي ، دم العهد ” . ويأتي هذا التعبير من خروج 24 : 8 ؛ حيث نقرأ ، أنّ رشّ الدمّ كان قد ختم عهد سيناء . فيسوع افتتح ، إذن ، عهدًا جديدًا . وفي زمن متّى ، كان الدين اليهوديّ يتوسّع في لاهوت ذي ثراء حول موضوع الدم ، رمز الحياة ، حتى أنّ رشّ الدم كان يحيي الخاطئ . وكان حزقيال من قبل ، قد رأى في ذبائح الفصح ، تحريرًا من الخطيئة ( حز 45 ) . وفي زمن يسوع ، هناك من أعتبر الدمّ المرشوش في سيناء ، ودمَ الحمل الفصحيّ أو دم الختانة ، بمثابة دم يغفر الخطايا ؛ وكانت عبارة ” عهد الدمّ ” قد أصبحتْ تعني الختانة . أمّا بالنسبةِ إلى متى ، فدم المسيح وحده يحصل على ” غفران الخطايا ” – غفران كانوا يبحثونَ عنه في ضحايا الهيكل ، أو في معموديّة يوحنا المعمدان . ويمتدّ هذا الغفران المُحيي لصالح المجموعة ، أي كلّ البشريّة .. وفقَ أولى التفسيرات المسيحيّة بشأن صورة ” الخادم ” ، وقد جعل من عطيّة حياته ” ذبيحة َ إثم ” ( اشعيا 53 ) حاملا في ذاته خطيئة ” الجماعات ” .
لمْ تعد المجتمعات العصريّة تستخدمُ كثيرًا ، رمزيّة الذبيحة ، ولكنّها تعرف جيّدا رمزيّة الدم . وان إختبارَ الدم ” الفاسد ” ، أو عدم التوافق في فصيلة الدم ، وفكرة ” متبرّع شامل بالدمّ ” يفرغ ذاته من دمه لينقلَ الحياة َ للجميع ، كلّها مقاربات ٍ ذات معنى بصدد الخطيئة ودم المسيح المعطى “للمجموعة” . ولكن ، بخلاف التبرّع بالدمّ – وفيه يبقى المعطي مجهولا ً – يختمُ دم المسيح ِ عهدًا شخصيّا وحميمًا مع وبين أولئكَ الذين ، إذ يشربونَ من الكأس ذاتها ، يعلنونَ أنفسهم أخوة ، لا من خلال اقتسام الحمل الفصحيّ أو عبر علامة الختان ، بل لانّ يسوع ذاته ، أضفى قيمة على موته من أجلهم .