فتناولوا أوضاع النازحين من سوريا والعراق إلى لبنان، وإلى داخل الأراضي السورية والعراقية الآمنة، وأولئك المتواجدين في مدنهم وبلداتهم، من حيث الخدمة التي تؤدّى لهم، وحاجاتهم ومطالبهم من حكوماتهم ومفوّضيّة الأمم المتّحدة للاجئين، والأسرتَين العربية والدولية. وفي ختام اجتماعهم أصدروا البيان التالي:
1. هنّأ الآباءُ صاحب الغبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي على نجاح العملية الجراحية المفاجئة التي أُخضع لها وشكروا اللهَ معه على ذلك، وعلى عودته بالسلامة لاستئناف خدمته على رأس الكنيسة الانطاكية السريانية المارونية.
2. آلم الآباءَ جدًّا سقوطُ ثمانية شهداء جُدد في صفوف الجيش اللبناني على مذبح الوطن يومَ الجمعة الماضي في واجب الدفاع عن الحدود، بمواجهة مسلّحي المنظّمات الإرهابية التي شنّت هجومًا واسعًا على الجيش في جرود رأس بعلبك. وقد أحبط الجيش، بعون الله، خططها التخريبية البالغة الخطورة. وهم، فيما يعزّون قيادة الجيش وأهالي العسكريّين الشهداء، يجدّدون الدعم الكامل لهذا الجيش، ويدعون الجميع للوقوف إلى جانبه ويطالبون السلطة اللبنانية بتوفير الغطاء السياسي الكامل والموحَّد له، وتأمين كلّ حاجاته ومدِّه بالسلاح اللازم.
3. استعرض الأباءُ أوضاع أبناء كنائسهم في سوريا والعراق وما أدّت إليه الحروب من تدمير وتقتيل وتهجير عدد كبير من المواطنين. كما استمعوا إلى تقارير المسؤولين عن بعض المنظّمات التي تقوم بمساعدة هؤلاء المهجّرين والنازحين، وشكروهم على جهودهم متمنّين لهم التوفيق في متابعة خدمتهم. كما يشكرون كلّ المنظّمات والدول التي قدّمت المساعدات المالية والعينية، متمنّين تكثيف هذا الدعم لتغطية حاجات هؤلاء النازحين الذين يعيشون أوضاعًا مذرية ومأساوية.
4. تجاه هذه المأساة الإنسانية الكبيرة التي يُصاب بها شعبُنا المسيحي ومواطنينا من الأديان الأخرى، يوجّه أصحابالقداسةوالغبطة النداء إلى كلّ من الحكوماتسأسة المحلية والأسرتين العربية والدولية، فيطالبون بتأمين المساعدات اللّازمة للنازحين، والعمل الجادّ من أجل عودتهم إلى بيوتهم وأراضيهم، ومساعدتهم على إعادة بناء بيوتهم وترميمها؛ وتحرير الأسرى والمخطوفين العسكريين والمدنيّين ورجال الدين، ولا سيّما المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم، ووضع حدّ للحرب في سوريا والعراق بالطرق السلميّة والمفاوضات السياسيّة والحوار الجدّي بين المتنازعين؛ والتوقّف عن دعم المنظّمات الإرهابية ومدّها بالمال والسلاح. فإنّ الأهداف السياسيّة والاقتصاديّة، مهما كبر حجمُها بنظر أصحابها، لا تبرّرُ كلَّ هذه الاعتداءات المشينة بحقّ الإنسانية، وهي تشكّلُ وصمةَ عار على جبين القرن الحادي والعشرين.
5. وفي لبنان، وأمام تداعيات الأوضاع العامة، السياسيّة والإدارية والاقتصادية، بالإضافة إلى تلك التشريعية والإجرائية والأمنية، يدعو الآباء الكتل السياسية والبرلمانية إلى تحمّل مسؤولياتهم الدستورية الخطيرة بانتخاب رئيسٍ للجمهورية. وهم يأملون أن تؤدّي الحواراتُ السياسيّة الجارية إلى حلّ هذه الأزمة بالتعاون مع الدول الصديقة المعنية، الإقليمية منها والدولية. فلبنان يحتاج إلى رئيس جامع معروف بحكمته ومصداقيّته، صاحب فطنةٍ ورؤية تمكّنه من مواجهة التحديات الراهنة، ومعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت الكثيرين من اللبنانيين يعانون من الفقر المتزايد، وتتآكلهم هموم حياتهم اليومية. كما أنّ شبابَنا وقوانا الحيّة لا يجدون أمامهم سوى شرّ الهجرة مرغمين. وحتى إذا ضاعفت الكنائس والمنظّمات الاجتماعية خدماتها، فهي لا تستطيع لوحدها حلّ تلك الأزمات، ولا يمكنها ولا أحد سواها أن يحِلّ محل الدولة في النهوض بالاقتصاد الوطني، وتحريك مرافقه، وتحسين مستواه، وإيجاد فرص العمل الكافية لأبناء الوطن وسواهم.
6. وفي الختام يدعو الآباء أبناءهم إلى توحيد الكلمة ورصّ الصفوف، والعمل مع كلّ ذوي الإرادة الطيبة على إيقاف الحروب والأعمال الإرهابية، وتكثيف الصلاة لأجل إحلال السلام العادل والشامل في هذه المنطقة المعذّبة من العالم.